قبل يومين من القرار المرتقب للكيان الصهيوني بضم الأغوار وأجزاء من الضفة الغربية، ترشح أنباء أن رئيس وزراء الكيان ربما يتواضع ويقلص المساحات المزمع ضمها، وقد تكون خطوة "رمزية" على حد تعبير وسائل إعلام عبرية.
العدو يتقن فن سياسة الخطوة والخطوة، وربما كانت الخطة منذ البداية أن نصل إلى هذه النقطة، فيبدأ الحديث عن ضم واسع، فترتفع وتيرة التهديدات، فيتراجع الكيان عن الخطوة الكبيرة، فيشعر الطرف الآخر بنشوة الانتصار -وهو انتصار وهمي بطبيعة الحال- فيتخلى عن تهديداته بحجة أنها لا تناسب الخطوة الصغيرة التي اتخذها الكيان، وأن الرد يجب أن يكون مناسبا للخطوة الصغيرة، فتمر خطوة الضم الصغيرة دون ضجيج، والأخطر أنها تؤسس لخطوات الضم والقضم المقبلة.
يعرف العدو من التجربة أن سياسة الخطوة خطوة تؤتي أكلها دائما مع النظام العربي، ولكن لماذا؟ لأنه باختصار لا توجد نية حقيقية للمواجهة. ولذلك فإنهم يتنفسون الصعداء حين يتراجع العدو عن خططه الكبيرة المعلنة لصالح خطط صغيرة.
الخطورة تكمن في أن يعدّ البعض تلك الخطوة الرمزية إن حصلت، انتصارا لهم، والأخطر أن يهرول بعضهم إلى حضن نتنياهو مقدما المكافآت جراء تنازله عن الضم الواسع، وقبوله بضم مستوطنتين أو واحدة في الضفة الغربية!!
إن ضم متر واحد من الضفة الغربية جريمة كضم الضفة كلها، وإن عدم مواجهة ضم متر واحد تماما كما نواجه ضم الضفة كلها يعني أننا حسمنا معركة الضم لصالح العدو في المستقبل سلفا، ذلك أن ضم متر واحد يؤسس لشرعية ضم الباقي، والرضوخ لضم متر واحد يعني الرضوخ لضم الباقي مستقبلا، ولا عذر لأحد.