مراجعة صندوق النقد الدولي
أخبار البلد -
اختتمت بعثة صندوق النقد الدولي زیارتھا إلى الأردن الخمیس الماضي بإصدار بیان حمل بعض الإشارات المتفائلة، وأشار الى
طبیعة التحدیات التي تواجھ الاقتصاد الأردني خلال المرحلة المقبلة. في الجانب الإیجابي أشاد البیان باستمرار الجھود التي تبذلھا
الحكومة لتصحیح بعض الاختلالات في الموازنة والنفقات العامة، وفي الوقت الذي یصف الصندوق بعض الإجراءات على انھا
إصلاحیة، فإن تقییم الوضع محلیا وشعبیا یكون نقیضا لذلك، لیس ادل على ذلك من قانون ضریبة الدخل الجدید، أو تقلیص بعض
النفقات وغیرھا من الإجراءات التي تستھدف ترشید النفقات العامة.
لكن الصندوق لا یتخلى بأي حال من الاحوال عن الھدف الأساسي المتمثل بضبط عجز الموازنة، وھو محق بذلك، فأي عجز سیترجم
إلى ارتفاع في المدیونیة وتحمیل الخزینة أعباء إضافیة فیما یخص المستقبل وھو أیضا موضوع ”غیر شعبي" والمطالبون بالتوسع
في الانفاق العام لا یقدمون حلولا واقعیة للتعامل مع ھذا الملف الشائك.
عموما فإن زیارة بعثة الصندوق وتقدیم المراجعة تعتبر خطوة إیجابیة تسبق مؤتمر لندن الذي ینعقد بنھایة الشھر الجاري والذي
ستحضره العدید من المؤسسات الدولیة والدول التي یؤمل أن تحشد الدعم للأردن. وانھاء المراجعة یعني أن الأردن یواصل مسیرة
A A A
أفكار ومواقف
الإصلاح الاقتصادي، وعودة إلى بیان البعثة فقد أشار إلى عدد من المؤشرات الإیجابیة التي لا یمكن اغفالھا، أولھا الانفتاح على
السوق العراقي والاختراق الذي تحقق مؤخرا، ورغم انني میال إلى عدم المبالغة في ھذا الملف، إلا انھ یحمل منافع تعود على
البلدین، وھذا ما یجب التنبھ لھ لضمان دیمومة العمل. ضمن ذات السیاق فإن إعادة التفاوض على اتفاقیة الأردن فیما یخص قواعد
المنشأ مع الاتحاد الأوروبي تمثل خطوة إیجابیة أخرى ینبغي البناء علیھا وتعظیم الفائدة المرجوة منھا وھي مناسبة تماما لصیغة
مؤتمر لندن التي تركز على النمو المستدام ولیس المساعدات الآنیة فقط.
الإشارة الإیجابیة الثانیة تتعلق بقطاع السیاحة الذي یشھد نموا لافتا، وھو ما یستوجب حشد الموارد والتركیز بشكل كبیر على ھذا
القطاع الذي یمكن أن یدر دخلا إضافیا ویولد فرصا عمل كبیرة، والظروف القائمة تشجع على التوسع في القطاع واعتباره أحد
ركائز الاقتصاد لا سیما وأن الفاعلین الرئیسیین في السیاحة ھم من القطاع الخاص الذین لا یحتاجون إلا الى تسھیل الإجراءات في
بعض الإجراءات المتعلقة بالدخول والخروج.
ومن المؤشرات الإیجابیة أیضا خلال فترة الستة أشھر الماضیة، ارتفاع نسبة الائتمان الممنوح من قبل البنوك التجاریة إلى القطاع
الخاص، وھو ما یعني توسعا في الأنشطة، وفي العادة یؤخذ ھذا المؤشر على انھ معیار صحي فیما یخص النمو.
یبقى أن الطاقة والمیاه تظل تحدیات رئیسیة تعطل من تنافسیة الاقتصاد والتي تستوجب إجراءات ”جراحیة" تعالج اختلالات متوارثة
آن الأوان للتعامل معھا، تلك الإجراءات من شأنھا استعادة زخم النمو واجتذاب استثمارات اجنبیة.
رسالة الصندوق حول الأداء الاقتصادي بالمجمل إیجابیة وسوف تساعد الأردن خلال المرحلة المقبلة لحشد الدعم لبعض المبادرات
الاستثماریة، ویبقى اننا یجب ان نكون جاھزین بمشاریعنا ومبادراتنا حتى نظھر الجدیة اللازمة في التعامل مع المجتمع الدولي
والالتزام بمسیرة الإصلاح الاقتصادي.