ما ان اعلن عن فوز قائمة "نمو" الساحق في انتخابات مجلس نقابة المهندسين، التي تم الاعلان عنها فجر اليوم على منافستها قائمة "انجاز"، حتى سقطت ورقة التوت بالكامل عن الهالة الزائفة التي احاطت بها جماعة الاخوان المسلمين نفسها بها في كل انتخابات تجري في البلاد .
الفوز الساحق أطاح بهيكل ومضمون "الاخوان" وشكل حائط صد لاي محاولة مقبلة منهم في الترشح لاية انتخابات، بيد ان هزيمتهم في انتخابات "المهندسين" جاءت في صلب معقلهم بمجمع النقابات الذي هيمنوا عليه طيلة ربع قرن دون ان تحفر هذه الهيمنة لما يخدم وجودهم لاحقا.
فنتائج انتخابات "المهندسين" وبعد ان عرت تماما جماعة الاخوان، جاءت كموسم قطاف لتردي مستواهم التنظيمي والانتخابي، وفقدوا تماما رصيدهم الشعبي الذي ظل يعزف على وتر الدين لمفهومهم ان الدين وسيلة لمآربهم واجنداتهم الشخصية لا المؤسسية او الوطنية.
في اعقاب اعلان النتائج، ظهر واضحا ان الفريق الخاسر لا يملك سوى الصوت العالي الذي لا يؤشر على انه صوت حق، وبدأت رموزهم بالتخوين واستخدام عقلية المؤامرة، لتتفتح قريحة النائب سعود ابو محفوظ عن افظع الردود، ويصف ضمنا من وقف وراء نجاح "نمو" بما تربى النفس عن تصوره او الحديث به وذلك عبر منشور له على صفحته الشخصية على الفيسبوك!ابو محفوظ وصف من تم تحشيدهم بحسب زعمه- بأنهم مثليون ولا دينيين والى اخر هذه الاوصاف التي لا ترقى للغة وخطاب نائب يمثل الشعب تحت مؤسسته التشريعية، وما كان وصفه لمن يقفون وراء فوز "نمو" بتلك الاوصاف المشينة، الا مؤشرا لعمق الضربة التي تلقاها الاخوان المسلمين، وهو الامر الذي دفع بالاصوات العاقلة المتزنة للوقوف بوجه تصريحاته، ودعوته الى الاستيقاظ من حلم الهيمنة الذي اعماه عن رؤية الواقع كما هو ردود فعل الاخوان المسلمين تجاه فوز "نمو" ضاعف في فوزها، وقد افلت "الاخوان" عقال المنطق والحوار، وتناسوا ان من يزرع السبت يحصد الاحد، تناسوا ان زرعهم طيلة ربع قرن بالعمل النقابي لم يثمر عن قمحة، محملين مسؤولية هزيمتهم لنهج المؤامرة ولتدخل الاجهزة الامنية، الا ان اصوات الحق الحقيقية جاءت من داخل معاقل الاسلامين المعتدلين ممن اعلنوا صراحة ان امتناعهم عن التصويت اسهم بفوز "نمو" بشكل او بآخر، وانهم امتنعوا عن التصويت نتيجة لتفرد بعض "الاخوان"بامر القائمة والنقابة .
على الإسلاميين التقاط الرسالة جيدا، فلكل زمان دولة ورجال وأدوات وآليات وسياسات، وليس تفرد وهمينة والاسبتسال بنهج من ليس معي ضدي امام تهميش وتغييب المصلحة العامة لقطاع المهندسين.
الاخوان المسلمين لم يعوا من هول صدمة هزيمتهم ان الخلل في ادائهم، وتغليبهم مصلحة التنظيم على حساب مؤسسات الوطن، وعلى الرغم من خسائرهم المتوالية في الانتخابات النيابية، وهزائهمه باكثر من نقابة، لا يكلفوا نفسهم عناء مراجعة انفسهم وماذا قدموا للشعب وللوطن ، لم يدركوا عدد المرات التي خذلوا فيها قواعدهم الانتخابية باكثر من انتخابات، ولم ينتبهوا جيدا الى ان عدد الخذلانات فاق حده الى الحد الذي استيقط فيه الشارع وعرف حجمهم ونأى عنهم !!
التحشيد الذي قال به النائب ابو محفوظ اسهم برأيه على "اقصاء" الاخوان لغة لا نكهة فيها او منطق، فلا احد يستطيع ان يجبر الناخب على التصويت ضدهم او معهم طالما تتم عملية الانتخاب سرا، وهو الامر الذي ناقض فيه ابو محفوظ نفسه بالقول ان الحكم والفيصل كان صندوق الانتخاب في انتخابات :المهنسين"... !
الاخوان المسلمين لم يدركوا حتى بعد هزيمتهم اسباب هذه الهزيمة، وهم من انتهجوا الاساليب التقليدية والوجوه التقليدية والخطاب التقليدي وركوبهم الموجات، بل وحملوا مسؤولية تشرذمهم لـ"نمو" التي قدمت برنامجا مميزا ووجها جديدة انجزت بالعمل النقابي، ونجحت بنيل ثقة الناخبين من المهندسين الذين ضاقوا ذرعا بادجارات المجالس السابقة لنقابتهم التي تركت الهم النقابي واستنزفت جهودها واموال صندوق النقابة لتنفيذ اجندة تنظيمها !!
وتاليا ما كتبه النائب ابو محفوظ على حسابه الشخصي عبر "الفيسبوك" :
انتخابات المهندسين...
بقايا اليسار بأنواعها,لها الحق الكامل للتحشيد ضد "قائمة انجاز" في نقابة المهندسين, وكذلك الامر لكافة العلمانيين والليبرالين وأبناء الطوائف وفصائل حركة فتح القدامى والمستجدين من الملتزمين والمتفلتين ، وفروع القوميين والناصريين والبعثيين والماسون والمستغربين واللادينين والمثليين، وهؤلاء وأولئك أمة من الناس لا يستهان بعددهم.
وأيضا من حق الحكومة ومقدراتها وأمكاناتها وأجهزتها وأذرعها كافة
وموظفيها وبعض نوابها ان تستميت في سبيل اقصاء الأسلاميين عند دفة التوجيه في النقابة ،وذلك بما يجوز وما لا يجوز من الأساليب ،زد على ذلك الموقف السالب لبعض المتدينين من الانتخابات أصلا.
ان هذا الشتات المتناقض أصلا ، عندما تم تجميعه اصطناعيا, أستطاع ازاحة الاسلاميين جزئيا، ولا زال وجودهم مؤثرا ،ولكنه لن يستطيع ايقاف الحياة في النقابة الأكبر ، ولا هدم ربع قرن من البناء؛ لان المختلفين لا يحققون نصابا ولا يشيدون بناء ولا يدفعون عجلة المقود الى الامام، فكل طرف يريد أن يستأثر بها تماما كما استاثروا بها لنصف قرن قبل الاسلاميين بدون نماء يذكر ، ولا بناء يعتد بة.
لكن الجميل هو احتكام الجميع في هذا البلد المبارك الى الصندوق, فهو كلمة السر التي تحفظ لكل ذي حق حقه، وليس من عادة الاسلاميين معاندة ارادة الناس وانما يخدمونهم برضاهم.
