ما بعد قرار ترمب تهويد القدس..
أخبار البلد - لا تكمن الخطورة في اعتراف ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل فحسب ، بل هي في الخطوات والإجراءات التي
ستتبع، وهذا ما نقرؤه في تصريحات نتنياهو وغيره من المسؤولين الإسرائيليين في أكثر من موقف
ومناسبة ، فالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل ، لم يحدّد حدودها ، بل هي مفتوحة كحدود إسرائيل
اللانهائية!! وهذا يعني أن القدس كلها ، بشرقها وغربها وضواحيها ،هي عاصمة الدولة العبرية الأبدية ،
وذلك ما يريد نتنياهو من الفلسطينيين والعرب أن يعترفوا به حتى يقبل التفاوض معهم !!
أفلا يفهم من ذلك أنه ستكون هناك خطوات تنفّذ على الأرض للتضييق على المقدسيين العرب لدفعهم إلى الهجرة ؟ ( لاننسى أن
القدس تشكّل الكتلة الأكبر مساحة وسكانا في الضفة الغربية ).. ألا يجدر بنا أن نتذكّر أن عدد اليهود في القدس قد ارتفع بعد احتلالها
سنة 1967 من 197700 إلى 542000 ينتشرون في شرقها وغربها.. وأن إسرائيل قد صادرت 66 %من أراضي القدس الشرقية البالغة
مساحتها 338 ألف دونم ، ومنعت الفلسطينيين من الإقامة فيها ، وأقامت عليها 14 حيا استيطانيا ، كل واحد منها يعادل قرية كبيرة
أو مدينة صغيرة ، وبلغ عدد المستوطنين فيها 180 ألفا.. حدث كل ذلك دون أن يُعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل ، فكيف سيكون الوضع
الآن في عهد نتنياهو وترمب ؟
تقول إسرائيل: كان عدد الفلسطينيين في القدس الشرقية سنة 1967 هو 65857 ، وقد ابقيت لهم جنسيتهم الأردنية ، ولم يمنحوا
الجنسية الإسرائيلية ، وعوملوا معاملة خاصة ، أي انهم يحملون الجواز الأردني وهوية خاصة ، ولا يتمتعون بحقوق المواطنة الكاملة.. فما
مصير هؤلاء بعد قرار ترمب ؟
لمرور 50 عاما على احتلال الضفة الغربية ، كشفت الوثائق السرية التي أفرجت عنها وزارة الحرب الإسرائيلئة أخيرا ، عن خطط الحكومة
والجيش في كيفية التعامل مع أكثر من مليون فلسطيني في الضفة وقطاع غزة.. ومما جاء في تلك الوثائق المسموح بنشرها أن
ليفي أشكول ، رئيس وزراء إسرائيل آنذاك ، قال في إحدى الجلسات: سأتولّى إقامة خلية عمل تكون مهمتها تشجيع هجرة العرب من
هنا بهدوء وسرية ، والبحث عن سبل لهجرتهم إلى دول أخرى ، وليس فقط إلى شرق الأردن.. كما عبّر عن رغبته في تشديد الخناق على
أهالي قطاع غزة بقطع المياه عن مزارعهم وبياراتهم ، لدفعهم إلى الرحيل طوعا ، وإفراغ القطاع من سكانه ، إضافة إلى أن هناك
وسائل أخرى لطرد من يبقون هناك.
كان أشكول يرى أن وجود 4,1 مليون فلسطيني في الضفة وغزة، بالإضافة إلى 400 ألف في فلسطين المحتلة سنة 1948 ، يشكّل خطرا
على إسرائيل ، وليس سهلا تنظيم حياة هؤلاء من قبل اليهود الذين لا يزيدون على 4,2 مليون ، ولذلك لابد من تهجيرهم بكل
الوسائل..
كان ذلك في عهد أشكول منذ خمسين عاما ، فهل تلقي تلك الوثائق الضوء على كثير مما حدث لفلسطين والفلسطينيين خلال
نصف القرن الماضي ؟ وهل نستطيع التنبّؤ بما ستؤول إليه الأمور في قادم الأيام ؟ إذا كان أشكول قد لجأ إلى السرية في عملية تهجير
الفلسطينيين ، فإن نتنياهو يجاهر بذلك غير آبه باحد طالما أنه مدعوم بحليفه الأميركي ، وافعلوا أيها العرب والمسلمون ما
تستطيعون