حقيقة مرعبة، كشف عنها رئيس وزراء لبنان المستقيل، حسان ذياب، وهو يشرح في مؤتمر صحفي، أسباب استقالة حكومته....» هزمتنا دولة الفساد العميقة».!!
هذه الحقيقة المرعبة استوقفتنا طويلا.. فهو وان اسقط القناع بجرأة وشجاعة عن الواقع اللبناني المتردي.. وأشرعلى أسباب فشل الحكومات المتعاقبة.. وسر اتهيار الوضع الاقتصادي.. فانه أيضا، دق جدران الخزان العربي الكبير..
فاسباب الازمات المتلاحقة في كثير من الاقطار هو الفساد.. وسيطرة دولة الفساد العميقة -كما اثبتت الحالة اللبنانية – على كافة مفاصل الدول.. وبخاصة المفاصل الاقتصادية.. بحيث اصبحت بمثابة دولة الظل، واصبحت هي التي تحكم، وترسم،وتقرر في الظل، ما يعني ان الحكومات العلنية.. ثبت انها منزوعة الصلاحية.. لا تملك من امرها شيئا..!!
وبوضع النقاط على الحروف..
فان سر تجذر دولة الفساد هذه.. انها استطاعت -وعبر مشوار طويل – ان تحمى الفساد والمفسدين، لا بل وقوننت هذا البلاء، من خلال قوانين سنتها.. وشرعنتها.. ما سمح لهذا الداء الوبيل ان ينتشر ويتكاثر، كما تتكاثر السرخسيات والطفيليات، بحيث اصبح كالسرطان. او لنقل هو السرطان نفسه، الذي تمكن من الجسد العربي..فارهقه، وافقده القدرة على الصمود والمقاومة..
ومن هنا..
فان تقزيم الديمقراطية الى مجرد ديكور. لم يكن امرا عارضا. او حدثا بمحض الصدفة.. بل تم وفق عملية مدروسة، ونهج مجرب،متعوب عليه لا يحتمل الخطأ مطلقا.. فتحولت الانتخابات النيابية الى انتخابات شكلية، ونتائجها هزيلة..تفرخ برلمانات كسيحة..غير قادرة على الخروج من دائرة التلقي.. وغير قادرة على التصدي لاخطبوط الفساد.. وهو ما جعل المواطن العربي، يفقد الثقة بالديمقراطية العربية، والبرلمانات العربية، «الا من رحم ربي»..وبلغ الياس والاحباط حدا جعل مواطنين لبنانيين يطالبون بعودة الاستعمار الفرنسي اثناء زيارة «ماكرون» للبنان مؤخرا..
ومما يزيد الطين بلة، هو ابتلاء الشعوب العربية بالطائفية والطائفيين.. وقد نجحت القوى المعادية بسن دساتير طائفية كما حدث في لبنان في اربعينيات القرن الماضي، وقام المندوب السامي للاحتلال الاميركي في العراق «بريمر».. بتشريع دستور قائم على التقسيم والمحاصصة الطائفية، كما هو شان الدستور اللبناني. وهذا هو سبب حالة الاحتقان وعدم الاستقرار والفساد المستشري في بلاد الرافدين..
باختصار..
الفساد ترعرع..واصبح قوة كبرى، وبمثابة دولة الظل العميقة.. في كافة الاقطار العربية، ولا بديل عن تغيير شامل عميق.. عن ثورة شاملة، تقتلع هذا الوباء من جذوره.. وتقتلع دول الفساد العميقة، ومؤسساتها، ورموزها... وانكشاريها..واقامة دول جديدة، محكومة بديقراطية حقيقية.. قوامها المواطنة.. والمواطنة فقط،ما يمكن هذه الانظمة من تطهير الارض من هذا الوباء.. الذي يفوق خطره خطر وباء «الكورونا»... قبل ان نفاجأ برئيس وزراء اخر، على غرار حسان ذياب يعلن هزيمته امام جحافل دولة الفساد القوية..
ولا حول ولا قوة الا بالله..