إعلان وزیر المالیة محمد العسعس عن اتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي على آلیة جدیدة لاحتساب المدیونیة
العامة یفتح باب السؤال حول مبررات تلك الخطوة، وانعكاساتھا على الواقعین المالي والاقتصادي الأردني من
.زاویة حجم المدیونیة
فالاتفاق ـ كما أعلنھ الوزیر العسعس ـ یتضمن تعریفا جدیدا لمفھوم المدیونیة الحكومیة بحیث تعتبر مبالغ الدین من
صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي والبلدیات والھیئات المستقلة، دیناً من مؤسسات تابعة للحكومة یمكن
.استثناء قیمتھ عند احتساب نسبة الدین من الناتج المحلي الإجمالي
بمعنى آخر، یجوز للحكومة عدم احتساب الدیون التي حصلت علیھا من المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي جزءا
.من المدیونیة العامة، وإخراجھا من حسابات المقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي
بالأرقام، تعني تلك» الحسبة»، عدم إدخال مبلغ ستة ملیارات ونصف الملیار دولار ـ قیمة مدیونیة الحكومة
للضمان الاجتماعي ـ لنسبة الدین العام البالغة أكثر من 101 بالمئة نھایة شھر نیسان 2020 .وتعني تلك الخطوة
.انخفاض نسبة الدین العام إلى الناتج الإجمالي حتى 80 بالمئة تقریباً
واقعیا، لا تعني » الحسبة الجدیدة» شیئا، فالدین ھو ھو، ویزید عند كل قرض تحصل علیھ الحكومة. لكنھ یعمق
حالة عدم الثقة لدى الشارع فیما إذا لم تقم الحكومة ومرجعیاتھا المالیة بتوضیح كامل التفاصیل، وإقناع عامة الناس
.بالھدف من وراء تلك الخطوة، وكیفیة استغلال» الھامش الإضافي في مجالات تخدم القضایا الوطنیة الملحة
على سبیل المثال، قد یتبادر إلى الذھن أن الحكومة ستعمل ـ كما عملت سابقاتھا ـ بالحصول على قروض جدیدة،
وتوظیفھا في مجالات الإنفاق. حیث سبق أن عمدت حكومات سابقة بالتوسع في مجال حجم الإیرادات، وبنت
خططھا الإنفاقیة على تلك الفرضیات، واضطرت لاحقا إلى الاستدانة من أجل تغطیة العجز. الأمر الذي أسھم في
.رفع حجم المدیونیة إلى الأرقام الفلكیة التي یجري الحدیث عن كلفتھا على الموازنة
الیوم، ھناك تسلیم بأن حجم المدیونة لن یشكل أي خطر في حال تم توظیفھ في مجالات انتاجیة، وفي استحداث
فرص عمل. وھناك أمثلة تطرح من أبرزھا وصول مدیونیة الیابان إلى 235 بالمئة من الناتج الاجمالي. وبریطانیا
313 بالمئة، وفرنسا 213 بالمئة، والمانیا 141 بالمئة. دون أن تشعر تلك الدول بعبء تلك المدیونیة، التي یجري
توظیفھا بما یخدم اقتصادات تلك الدول، ویخفف من حدة البطالة، ویرفع من حجم صادرات الدولة، ویعظم من
.إیراداتھا، ویدعم الحالة الرفاھیة فیھا
والسؤال تبعا لذلك، ھل ستستغل حكومتنا الھامش الجدید للتوسع في مجال الاستدانة، لغایات الإنفاق الاستھلاكي؟
.أم لغایات إنتاجیة ھدفھا الأول والأخیر تشغیل الاردنیین، ودعم العملیة الإنتاجیة
بالطبع، لیس الحدیث ھنا عن استحداث وظائف في القطاع العام، وزیادة فاتورة الرواتب الحكومیة، وإنما عملیة
انتاجیة ترفع من مستوى الاعتماد على النفس، وتحقق المزید من الإیرادات للخزینة، وترفع منسوب الاحتیاط من
.العملات الصعبة، وتحد من مشكلتي الفقر والبطالة
وفي كل الأحوال، یجب أن تبقى أموال الضمان الاجتماعي في «الحفظ والصون»، فتلك الأموال تشكل حاضر
.ومستقبل الأردنیین جمیعا
حيز إضافي لمديونية جديدة
أخبار البلد - اخبار البلد-