الإنسانيةُ جمعاء

الإنسانيةُ جمعاء
أخبار البلد -  

عمق فينا فيروس كورونا المستجد مفاهيم إنسانية ناضلت البشرية سنوات طوالا من أجل ترسيخها، نجحت في حالات عديدة واخفقت في حالات اكثر؛ فالانتكاسات العالمية وانتهاك حرمة حقوق الإنسان كانت ما تغلف دومًا بخطابات رنانة، وبغايات تسمو على حقوق الأفراد وحرياتهم.

عبر بنا فيروس كورونا محطات بشرية تضوج بالعمل الشاق والسعي نحو ركام من الأهداف والأحلام ليحط بنا عند التفاصيل وتفاصيل التفاصيل، تفاصيل حياة أصبح الموت القريب عاملًا مشتركًا لها بين أبناء البشرية، وأضحت الأحلام بمستقبل قريب خال من الأمراض، تنطلق فيه الحياة من روتين يومي عاملًا مشتركًا أيضًا بين بني البشر.
ولكن السؤال، ما الذي وحدّ شعوب العالم بين ليلة وضحاها وجعل الأحلام والانتكاسات والموت والحياة واحدة، ما الذي وحدّ التفاصيل بين الوجوه المتناثرة عبر العالم ووحّد الألم والأمل؟
قد تبدو اجابة السؤال بديهية، وقد يبدو السؤال في لغة القانون والمنطق من باب لزوم ما لا يلزم، فالفيروس المستجد هو من صنع كلّ ذلك وأكثر، هو من عاث فسادا بأحلام الشعوب فوحدها ضده، وهذا ما تراه الغالبية العظمى.
إلا أنّ ما يطفو على السطح وما نراه عادةً يخبئ خلفه مكنونات عظيمة، وما وراء الأشياء هو الأجمل وبين السطور وأعباء الحياة نسيت البشرية أنّ ما يوحدها حقًا هو الإنسانية، وهذا هو السّر الكامن وراء عالمية حقوق الإنسان. فما يجمع الأفراد حول العالم يفوق ما يفرقهم، يجمعهم المصير المشترك وحتميته وحب الحياة والسعي لعمارة الأرض، يجمعهم الحب والرحمة، تجمعهم الأمومة والأبوة وأحلام مشتركة برحلة حياة سعيدة، يوحدهم سعي دائم للحق ونضال للتعبير عما يجول بخاطرهم دون خوف أو وجل وصولًا لحياة كريمة ونفوس تنطلق نحو الحرية.
هذه الإنسانية هي سر عالمية حقوق الإنسان ابتداءً، وهي المحرك الذي قاد العالم نحو تقنين حقوق الإنسان عام 1948م من خلال اقرار الوثيقة الأولى التي تتضمن الحدّ الأدنى من الحقوق والحريات،حدّ أدنى إلا أنّه مشترك بين الإنسانية جمعاء، مشترك بين الأديان السماوية والموروث الفكري والنضالي للاإنسانية. ما هو مشترك بيننا هو ما جعل حقوق الإنسان في جيلها الثالث تقوم على التضامن والإنسانية للفت النظر إلى أنّ هناك حقوقًا للإنسان لا يمكن أن تقوم دون تضامن البشر واتحادهم فرادى وجماعات دولًا وشعوبا.
ما يمرّ من أزمات لا يوحدنا بحدّ ذاته، فما يوحدنا موجودٌ راسخٌ فينا وفي إنسانيتنا الممتدة عبر المحيطات، ما يعبر ويعصف من أزمات هو هزةٌ للضمير الإنساني ليتذكر دوما أنّ ما يوحدنا ثابت لا يتغير والمتغير هو فقط فرضيات أخرى طغت وتطغى على ما فطرت عليه البشرية من تسامح وتعاضد وتعددية وقبول دون شروط ودون اطلاق أحكام.
ما حدث مع انتشار فيروس كورونا المستجد والالتفاف الإنساني حوله، أعادني وراءً إلى عام 1945م عندما سطّر ميثاق الأمم المتحدة في ديباجته مبررات إنشاء منظمة الأمم المتحدة واهدافها في العبارات التالية:
«نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب، والتي خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزانًا يعجز عنها الوصف. وأن نؤكد من جديد ايماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية….وفي سبيل هذه الغايات اعتزمنا أن نأخذ أنفسنا بالتسامح وأن نعيش معا في سلام وحسن جوار، وأن نضم قوانا كي نحتفظ بالأمن والسلام…»
ما أشبه اليوم بالأمس مع اختلاف في المعطيات بحكم تطور الزمان وتغير المقام والمقال، فشعوب العالم في تلك الحقبة عادت لتتذكر أنّ العيش المشترك هو السبيل لتخطي الأزمات. إذًا لم تأت بجديد أيها الكورونا المستجد سوى أنّ العالم كان بحاجة كعادته لهزة إنسانية تذكره أن القيم تبقى وما دونها إلى زوال.
خلال أزمة وباء كورونا، كانت فترة المساء تحمل في جعبتها الكثير، وتحديدًا المؤتمر الصحفي، ولا أنكر أنني وفي كل مرةً كنت أنتظر نهاية حديث الناطق الرسمي باسم الحكومة، وزير الإعلام وهو يختم الايجاز الصحفي بالدعوة للوطن وللإنسانية جمعاء، هذا الدعاء الذي كان يذكرنا كلّ يوم بأننا متضامنون متحدون في إنسانيتنا في مواجهة هذا الوباء وأن هناك من يعاني في ظل تفشي هذا الوباء لربما أكثر مما عانينا بكثير وأن أقل ما يمكن فعله هو أن ندعو لهم ونتذكر أننا شركاء في الإنسانية التي ستبقى وسيزول كلّ شيء دونها.


 
 
شريط الأخبار توصيات بشأن طقس الأربعاء... ارتفاع على درجات الحرارة وأتربة مثارة إيران تهدد بإبادة إسرائيل إذا شنت هجوماً كبيراً عليها تنسيق بين أيرلندا وإسبانيا وسلوفينيا للاعتراف بدولة فلسطين أرفع وسام مدني بالأردن.. الملك يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي بوريل: دمار غزة يفوق ما تعرضت له مدن ألمانيا في الحرب العالمية 158 مليون دينار قيمة صادرات الأردن الزراعية العام الماضي تقرير: ضباط كبار في جيش الاحتلال يستعدون للاستقالة.. تفاصيل السيارات الكهربائية تغزو شوارع الأردن.. ما مصير محطات الوقود؟ البنك المركزي يعمم بشأن عطلة البنوك في يوم العمال الملك وولي العهد في مقدمة مستقبلي أمير الكويت الجمارك توضح حقيقة استيفاء رسوم جديدة على المغادرين عبر الحدود حادث سير على مدخل نفق خلدا.. والسير تنوه السائقين أبو عبيدة: لا يزال الاحتلال عالقا في رمال غزة بعد محاصرة تحركاته.. مطلوب ثالث من مطلوبي الرويشد يسلّم نفسه للأمن الجمارك تحبط محاولة تهريب73.5 ألف حبة كبتاجون في مركز حدود جابر بلاغ من رئيس الوزراء بخصوص عطلة عيدي الشعانين والفصح إغلاقات واعتقالات في الجامعات الأميركية بسبب الحرب على غزة القوات المسلحة تنفذ 7 إنزالات جوية جديدة لمساعدات بمشاركة دولية على شمالي غزة البورصة تدعو الشركات المُدرجة لتزويدها بالبيانات المالية للربع الأول لسنة 2024 قبل إنتهاء المدة المحددة 35 مليون دينار أرباح البنك العربي الإسلامي الدولي للعام 2023