تعتبر الودائع الردیف الموازي للتسھیلات الإئتمانیة، فودائع البنوك ھي مصادر اموال تسھیلاتھا وطبیعي جدا ان
یواكب ارتفاع الودائع ارتفاع في التسھیلات فطالما ان النشاط المصرفي في تصاعد مستمر باعتبار ذلك یقع ضمن
حتمیة التطور الطبیعي للامور فان الودائع ایضا تتنامى بحكم طبیعة التطور الطبیعي للدخل، غیر ان من خلال رصد
حركة ارقام الودائع لدى البنوك التجاریة منذ عام 2014 فانھ یلاحظ ان نمو الودائع كان متواضعا جدا بحیث ان
الودائع بلغت عام 2014 حوالي ثلاثین ملیار دینار ارتفعت عام 2018 لتصل الى (8.33 (ملیار دینار اي بمتوسط
معدل نمو سنوي بلغ 1 %تقریبا بینما سجلت ارقام الودائع في عام 2019 ولغایة شھر ایلول فقط (0.35 (ملیار وان
الرقم المتوقع للودائع بناء على الارقام الفعلیة لعام (2019 (تشیر الى امكانیة ان تصل الى (7.46 (ملیار دینار، اي ان
الزیادة التي حققھا العام الحالي في الودائع قیاسا بالعام الماضي بلغت (38 (%وھي قفزة كبیرة وغیر مسبوقة وتضع
بین یدي البنوك امكانات كبیرة للتوسع في التسھیلات الائتمانیة اي ان امكانیة تلبیة متطلبات التسھیلات لغایات
الاستثمار كبیرة وانھ لا توجد عوائق رأس مال أو سیولة في تلبیة الطلب على الاستثمار بل ان الاساس في تمكین
الاستثمار من النھوض لانھ یملك فرصة ذھبیة لذلك سواء من حیث انخفاض الفائدة على الاقتراض او من حیث
.ارتفاع قدرة البنوك على منح الكمیات المطلوبة للاستثمار
ان ارتفاع معدل الزیادة في الودائع لدى البنوك الى ھذا الحد اللافت بعد حالة من السكون والتواضع في الزیادة دامت
منذ عام 2014 یعني ان المؤشرات الاساسیة في بدء التحرك الاقتصادي باتت تعطي مدلولات ایجابیة وان ارتفاع
القدرة على الاقراض یذكرنا بالنظریة الاقتصادیة التي تقول ان العرض یخلق الطلب علیھ اي ان ارتفاع العرض
المتاح للتسھیلات الائتمانیة یخلق الطلب علیھ سواء من حیث الاغراض الاستھلاكیة او الاستثماریة، ذلك ان حدوث
اي من ھذین الطلبین او كلیھما یؤدي بالضرورة الى تحریك وانعاش الدورة الاقتصادیة وبالتالي زیادة سرعة تداول
النقد اضافة الى تأثر القطاعات بعضھا ببعض فعند نھوض قطاع معین كالإنشاءات او السیاحة ونظرا لحالة التشابك
الافقي والرأسي في الصناعة والخدمات فان حالة النھوض تعم عدة قطاعات وتشكل بالتالي رافعة للاقتصاد الوطني
في ادائھ وفي زیادة معدل نموه. ان ھذه الزیادة الكبیرة في معدل نمو الودائع لدى البنوك لا یجب ان تقرأ على انھا أمر
عادي او انھا ضمن السیاق العام لحركة الاقتصاد بل ھي تطور نوعي یؤشر الى ما یختزنھ الاقتصاد الوطني من
امكانات وقدرات تمكنھ من ان یعید توازناتھ ویحقق الانطلاق نحو كل آفاق التخاص من الاحمال الزائدة سواء في
.الادارة او الانتاج او الانفاق العام وبالتالي فنحن على عتبة دخول مرحلة اقتصادیة جدیدة واعدة .
رئیس غرفة التجارة الدولیة.