قبل تعریفنا لمعنى التطرف لا بد أن ننظر لھذا الموضوع من عدة وجھات نظر. وبشكل أساسي یعني الخروج عن
الأعراف والمفاھیم العامة وتقالید المجتمعات وسلوكیاتھا، بحیث یكون لدینا قناعة راسخة بأن أفعال التطرف لا یمكن
أن تكون مقبولة وھي غیر مبررة، كما أن التطرف بالمفھوم الأعمق ھو الخروج عن القانون والدستور السائد في البلد
.الذي ینشأ فیھ
والمتطرفون یطرحون أفكاراً غریبة ومتشددة وشعارھا التزمت وتشمل تكفیر الآخرین والبعد عن الوسطیة والاعتدال
والتسامح والمحبة والروح المجتمعیة المترابطة. كما أن مفھوم التطرف یُطلق على الإیدیولوجیات السیاسیة
والاقتصادیة وحتى الدینیة والتي تتبنى أفكاراً شاذة وخارجة عن التفكیر السوي المعتدل الذي یمارسھ المجتمع. كما أن
التطرف یؤدي كما حدث ویحدث الیوم خاصة في وطننا العربي وكذلك معظم أجزاء العالم، یؤدي إلى العنف والقتل
.والاغتصاب والتدمیر والخراب
والمستغرب أن المتطرف لا یعترف بأنھ متطرف، ولا یعتبر نفسھ شاذاً عن غیره، بل یرى أن المجتمع الذي یعیش فیھ
مجتمع شاذ وأن لا صحة موجودة لأي شيء ھناك إلا لأفكاره وطریقة تفكیره والتي تؤدي لھدم الحضارات وانشقاق
المجتمع. وھناك تفسیر للتطرف الدیني بأنھ لا یأتي بسبب التشدد في الدین فقط وإنما یأتي نتیجة الاختلال السیاسي
.والاقتصادي والاجتماعي ما یؤدي إلى تأجیج الأفكار الغریبة ونشرھا في المجتمعات
أما الجھل والتخلف في بعض المجتمعات واتساع الفجوة بین طبقات المجتمع بالإضافة للوضع النفسي لأفراد أو
مجموعات فكلھا تؤدي لنشر التطرف المتشدد وھنا لا بد لنا أن نذكر أن السلوك الاجتماعي والنعرة العرقیة وتدھور
.المعرفة واختلاف الأمور السیاسیة تسبب أشكالاً متعددة من التطرف وتؤدي لظھور العدد الكبیر من المتطرفین
تاریخیاً فلقد نعتت الحركة الفاشیة والنازیة والحملات الصلیبیة وحركات الفصل العنصریة الافریقیة والحركة
الصھیونیة بالتطرف وإنھا من أشھر الأنماط المتطرفة حتى أنھا وثقت تاریخیاً وثقافیاً وسیاسیاً. والعودة لمفھوم
التطرف من النواحي الفلسفیة فقد أعاد جون فیتزجیرالد كینیدي الرئیس ال 35 لأمیركا والذي اغتیل عام 1963 أعاد
صیاغة المصطلح لدانتي في الكومیدیة الإلھیة «الأماكن الأسخن في الجحیم محجوزة لأولئك الذین یظھر حیادھم اثناء
الأزمات الاخلاقیة» وقال السناتور باري غولدووتر حول مبادئ الأخلاقیات الطبیة لجمعیة الأطباء النفسیین قالھا في
المؤتمر الجمھوري الأمیركي 1964» التطرف في الدفاع عن الحریة لیس بالرذیلة، والاعتدال في معنى العدالة لیس
.«بالفضیلة
أما في منطقتنا العربیة والشرق أوسطیة فبدأت ونشأت وترعرعت منظمات إرھابیة أولھا القاعدة وتبعتھا «داعش»
وأكثر من مجموعة إرھابیة وصل عددھا إلى 38 تعرف بأسماء مختلفة حولت منطقتنا إلى خراب ومآس اجتماعیة
انسانیة لا بد أن نقف ضدھا لنعید لأمتنا العربیة الإسلامیة قیمھا الأخلاقیة الأصیلة والتي رسخت في تاریخ البشریة
.منذ قرون
التطرف !
أخبار البلد - اخبار البلد-