ورغم ما في هذا التعبير من مبالغة وتغييب للحقائق، إلا أنه لا يجافي الصواب بالنظر إلى التصريحات الحكومية التي كانت مستفزة الى أبعد حد، خصوصا حين يصرح نائب رئيس الوزراء د. رجائي المعشر، بلا مسؤولية، أن إعادة فتح معبر جابر بين الأردن وسورية كان واحدا من أسباب عجز الموازنة !!
منذ أن تشكلت الحكومة الحالية برئاسة د. عمر الرزاز، وكشفت عن برنامجها الاقتصادي، والذي لم يكن سوى برنامج جبائي قائم على بناء الموازنة من جيوب الأردنيين من دون أن يكون هناك أي ملمح إنتاجي فيه، كتب عشرات الخبراء الاقتصاديين، محذرين من أن التوسع في فرض الضرائب سوف يؤدي إلى تراجع القوّة الشرائية لدى المواطن، وبالتالي إلى تراجع الإيرادات الضريبية.
غير أن الحكومة لم تسمع لمثل هذا الكلام، وتصرفت كما لو أنها أعلم من غيرها، أو أنها لا تشتمل على وزير واحد يستطيع أن يفكر بعقلية اقتصادية، وليس بعقلية جبائية.
اليوم، تسجل الإيرادات الضريبية أكبر انخفاض لها خلال العام الحالي، بمقدار 79 مليون دينار، وبنسبة 3.5 % حتى نهاية النصف الأول من العام الحالي.
هذا الأمر قاده انخفاض الإيرادات الضريبية على السلع والخدمات والمعاملات العقارية، وهي الضرائب المباشرة التي تتأتى من المواطن خلال إجرائه المعاملات المختلفة، أو خلال استهلاكه للسلع الأساسية وغير الأساسية، بمعنى أن استمرار الحكومة بفرض مزيد من الضرائب، قاد تماماً إلى ما حذر منه الخبراء منذ البداية، إذ لم يعد المواطن قادرا على مزيد من الاستهلاك.
لكن الحكومة، ومن خلال عجزها عن استقراء الوضع القائم والمستقبلي، وضعت تقديراتها بنمو الإيرادات الضريبية، ضاربة بعرض الحائط أساسيات المفاهيم الاقتصادية، وها هي اليوم تبحث عن كبش فداء لكي تحمله مسؤولية انخفاض الإيرادات الضريبية، وهي لم تجد أمامها سوى معبر جابر كبشا لمحرقة صنعتها بيدها!!
ورغم وعود حكومية عديدة، بعضها جاء على لسان الرئيس، بأنه لن يكون هناك فرض لضرائب جديدة، إلا أن الحكومة غالطت نفسها، وأقرت فرض ضرائب على التجارة الإلكترونية، كما أنها تفكر بفرض ضرائب على إعلانات السوشال ميديا، لتعيد ارتكاب الخطأ نفسه، وهي تظن أنها تفعل خيراً!!
رغم أن غالبية الأردنيين نفضت أيديها من حكومة "النهضة” برئاسة الرزاز، إلا أن نسبة لا بأس بها ما تزال متمسكة برئيسها، وبغيره من الوزراء، لكن بالتأكيد هم ينظرون إلى أن الفريق الاقتصادي فشل تماما في مهمته، وأن عليه التنحي، وإفساح المجال أمام غيره، ليجرب فينا خططا واستراتيجيات جديدة، سوف نكون ملتزمين بتطبيقها بالتأكيد، ما دمنا وصلنا إلى قناعة أن الفريق الاقتصادي الحالي بقيادة المعشر عاجز تماما عن تسجيل أي اختراق في الوضع الاقتصادي القائم، وأنه فريق لا يحسن تدبر الأمور، بل هو لا يفقه إلا في مجال فرض الضرائب.
الرئيس الرزاز، مطالب اليوم بتعديل حكومي على حقائب سيادية، يتخفف فيه من الفريق الاقتصادي، لكي يستطيع الإبقاء على "شعرة معاوية” بينه وبين المواطن، ولكي يستطيع أن يطيل فترة بقائه في الدوار الرابع، رغم أن ذلك، أيضاً، قد لا يحدث فرقاً كبيراً بسبب الخراب الكبير الذي أحدثه فريق اقتصادي قاصر!!