احمد الحوراني
قبل السابع من شباط من العام الف وتسعمائة وتسعة وتسعین، لم یكن الشیب لیجرؤ أن
یستوطن في شعر الملك عبد الله الثاني فالحسین بن طلال كان على مدار نصف قرن
من الزمان ھو من حمل ھموم الوطن والمواطن فأثقلت كاھلھ ولكنھ لم ّ یكل متنھ ولم
ینوء بحملھا إلى أن جاء قضاء الله وقدره فانتقلت الرایة لنجلھ الأمیر الشاب – آنذاك –
ّ ني
عبد الله والذي كان والده قد نذره لوطنھ وأمتھ وكأني بالحسین یقول: لا تفرح یا بُ
.بسواد شعرك فاغتنم منھ ما شئت لأن الشیب قادم لك لا محالة لأنك ھاشمي ومن كان النبي جدّه فإن ھذا قدره
ّ أو أقل ّ من ذلك بكثیر، كانت كفیلة بأن یغزو الشیب شعر سیدنا، فرضي بھذا الوقار وآثر أن یبیض شعره
عشرون عاماً
لیبقى شعر الأمة أسود ناصعاً، لكنھ الیوم یفخر بأن ما ّ ابیض ھو وجھھ وھو خیر من یذود عن الأمة ومقدساتھا ویقف
.في وجھ العالم رافعاً رأسھ ورأس شعبھ من حولھ ویقول: كیف لي أن أتخلى عن القدس وأنا الملك الھاشمي
ُنیط بھ وھو
یشیب شعر الملك وھذا قدره، وفي شیبھ عنوان عزة وفخار لكل أردني وعربي كان سبباً لھذا الشیب، وقد أ
ملك لیس كما سواه، ملك یقف في وجھ الظلم والطغیان ویقول لا ویلبي النداء كلما أدلھم الخطب وكلما أنّت القدس
. ّ وصرخت غزة وبكت ثكلى
عدد الشیبات في شعر الملك تساوي عدد ما یجول بخاطره ویفكر فیھ، ویشغل بالھ في كل ساعة ودقیقة وثانیة من
الیوم، فالمواطن ومستوى معیشتھ ٌ ملف لا یبرح عقل الملك ووجدانھ وضمیره، والفقر والبطالة ٌّ ھم یمشیان مع جلالتھ
أینما سار، والاقتصاد والاستثمار عنوانان راسخان في أجندتھ وبرامج عملھ ویرید لھما أن یكونا روافع تنمیة وأدوات
تقدم ورفعة في ظل ُ شح الموارد والإمكانات، والظروف الاقتصادیة الصعبة التي یعیشھا المواطن ٌ حلم یراه في منامھ
كل مساء فیوقظھ وھو یفكر بسبل كفیلة لحلّھا وھو یرفع رأسھ بصبر الأردني ومقدرتھ على مكابدة الظروف ومواجھة
.التحدیات
نحب الملك ونحب كل شیبة مباركة في رأسھ، لأنھ شیب ناب فیھ عن شعر الأمة لكي یبقى أسود ویبقى عبد الله وحده
في المیدان، فارساً مغواراً، كالشجرة المثمرة المورقة والمغدقة على كل من یلتمسھا ویسعى إلى حصادھا، أو حتى
.ظلھا
إن الشعوب الوفیة لقادتھا ھي التي تعیش طعم الاستقرار والحریة، ھي التي تقول لكل أحد في الدنیا إننا أقویاء، لأن
القاعدة الشعبیة والقیادة نفس واحدة، ووطن ھكذا شأنھ لا یمكن أن یخترق بإذن الله تعالى، قد نختلف.. نعم.. ولكن
لنتفق، وقد نتوجع من نازلة ما.. ولكن لنلقى الحب والحنان واللمسات الأبویة من قائدنا المعظم، قد نشعر بالضیم،
أحمد الحوراني
.ولكننا نترقب العدالة في أسمى معانیھا
عبد الله الثاني.. یا قمر الصحراء.. ھذا الشیب في ھدیبك أوسمة نبیلة.. مكتوبة بأحرف البطولة
.. وأباً وأغنیة ورایة.. وحكایة تتلو حكایة ألا بوركت وبوركت
یا طیب القسمات یا شیخ الحمى..إنا نحبك قائداً ومعلماً
.كل شیبة في شعرك البھي