وبالطبع كان هنري كيسنجر يهمس بآذان الساسة والجنرالات في اسرائيل، لهذا كانوا يواصلون استراتيجياتهم بعيدة المدى في التهويد بانتظار خريف قومي يتيح لهم الجهر بما كانوا يبطنون!.
وحين لاحظ بعض المراقبين من العرب وغيرهم ايضا ان الحراكات التي عاشتها عدة اقطار عربية عام 1911 لم يكن لفلسطين فيها اي دور، كان محترفو التبرير والتزوير يردون عليهم قائلين ان فلسطين هي بوصلة هذه الحراكات، بل هي في الصميم من مفاعيلها، وبعد انقضاء السبع العجاف اتضح على نحو سافر ان ما جرى لم يكن لصالح فلسطين، بل هو بمثابة تمهيد للتهويد، واستكمال الوليمة السياسية التي يكون فيها الدم الفلسطيني الحساء، وكان اوسلو هو الذريعة التي اتاحت للنظام السياسي العربي ان يعلن براءته منها ويرفع شعار نرضى بما يرضى به الفلسطينيون، وكأن قضية بهذا الحجم وبكل حمولتها التاريخية هي مجرد خلاف على ارض متنازع عليها، وان المقدسات هي بيوت شخصية لأهل فلسطين يتصرفون بها متى يشاؤون.
الان ندرك ان كيسنجر صدق حتى لو كذب على طريقة المنجمين، وان اربعة عقود من تهميش قضية طالما وصفت بأنها ام القضايا انتهت الى هذا المشهد الذي لم يتجرأ احد منا حتى الان على وصفه بما يستحق، واذا صحّ ان معرفة السبب تبطل العجب فإن لدى السيد هنري لا جهينة الخبر اليقين!.