القرار الملكي السعودي بإنهاء الحظر على قيادة المرأة للمركبات يعد تاريخياً، ليس لأن القيادة هي أهم سلوك في المساواة بين المرأة والرجل، بل لرمزيته بالنسبة للمرأة السعودية. لقد كان هذا الموضوع مثار جدل في المجتمع السعودي في السنوات الماضية مع محاولات بعض النساء لكسر هذا الحظر والتي باءت كلها بالفشل.
بالنسبة للعالم الخارجي تعد قيادة المرأة للمركبات، أمرا بديهياً وعادياً جداً، لكنه بالنسبة للسعودية، يمثل قراراً تاريخيأ . بلا شك تحاول السعودية منذ سنوات اتخاذ خطوات باتجاه تقرير مشاركة المرأة في الحياة العامة سواء كان ذلك من خلال السماح لها بالمشاركة في الانتخابات البلدية أو في مجالس أخرى.
لقد سبق هذا القرار قرار جريء آخر قبل فترة، وهو سحب صفة الضابطة العدلية من جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واقتصار دورها على المتابعة وإبلاغ الشرطة بتلك المخالفات إن وجدت.
بالرغم من محدودية هذا القرار، إلا أنه أحدث تغيراً كبيراً، وأفسح المجال للأسرة والمرأة بحرية مهمة حتى لو كانت محدودة. الموقف من هذه الخطوة متباين فهناك من يراها خطوة تاريخية، وهناك من يراها كخطوة غير ذات أهمية لأن المرأة في العالم قطعت شوطاً كبيراً في الحصول على حقوقها والمشاركة في الحياة العامة.
المجتمع السعودي محافظ جدا،ً وبالتأكيد ستلقى هذه الخطوة ردات فعل متباينة، ولكن من المتوقع أن تكون المعارضة لها كبيرة إلا أن جزءاً مهماً وكبيراً من رموز المعارضة المحتملة قد تم اعتقالهم بالفترة الماضية.
كذلك، فإن تأجيل تنفيذ هذا القرار لشهر حزيران (يونيو) من العام المقبل يعطي الحكومة وقتاً كافياً لإعداد الترتيبات الإدارية والأطراف المعارضة لهذه الخطوة.
يجب عدم النظر لهذه الخطوة وكأنها معزولة لا بل من الواضح أنها خطوة مدروسة، وتأتي ضمن سياق رؤية السعودية للعام 2030 . ويبدو ان بصمات ولي العهد السعودي على هذا القرار واضحة، كما على القرارات التي سبقتها. والبعض يقول إن هذه الخطوة جاءت إرضاء للخارج وذلك بسبب الانتقادات التي توجه للمملكة جراء وضع المرأة فيها. بالرغم من انه لا يمكن تجاهل تأثير الانتقادات الدولية وبخاصة المنظمات النسوية ومنظمات حقوق الانسان للسعودية، إلا أن هذه الخطوة تأتي استجابة لتطور واقع المرأة في المجتمع السعودي، إذ أن المرأة السعودية تحتل موقعاً متقدماً بالتعليم وكذلك هناك نسبة مهمة من النساء صاحبات الأعمال وإنجازات النساء السعوديات بهذا المجال معروفة عالمياً وعربياً. وعليه، فهناك عوامل داخلية وخارجية خلف هذا التغبير.
قد يكون السماح للمرأة بقيادة المركبات خطوة الألف ميل لإدراك المرأة السعودية لحقوقها ولكنها خطوة رمزية مهمة وقد تكون الخطوة الأخيرة في هذا السياق.
لا شك أن السعودية تتغير، فهي لا بد أن تستجيب للتحولات التي شهدها المجتمع السعودي والتطورات في محيطها العربي والدولي.
خطوة الألف ميل
أخبار البلد -