مارينا تعلّمنا أبجدية الانتماء

مارينا تعلّمنا أبجدية الانتماء
أخبار البلد -  

ما تفرقه المسافات، تجمعه الحروب، فقد شاءت آلهة الحروب الخرقاء ان نلتقي، في جلسة عائلية، بالصبية الفرنسية مارينا زوجة صديقي جميل سبيع، اليمني، ومالرينا بالمناسبة تتكلم اللهجة اليمنية بكفاءة واقتدار .... وقد رغب صديقي مدحت ان يستعرض عضلاته الرياضية فقال لها ما معناه ان المنتخب الفرنسي الذي حصل على كأس العالم لم يكن فيه من الفرنسيين سوى لاعب اسمه بيشام وحارس المرمى، بينما البقية كانوا غير فرنسيين، مثل زين الدين زيدان ودوركايييف و و و و .

كان مدحت يتكلم بينما تتحول ملامح مارينا اللطيفة الى القسوة والاستهجان، واختفت ابتسامتها الجميلة، ثم قالت بانفعال، وباليمنية الفصحى طبعا، ما معناه: ما هذا الهراء الذي تقوله، نحن جميعنا فرنسيون .... من يمتلك الجنسية الفرنسية هو فرنسي بالضرورة، فنحن سكان فرنسا الذين تسميهم بالأصليين، نحن خليط من شعوب متعددة سكنت بلاد الغال قبل قرون، وصنعت معا، بكامل نكهاتها المتنوعة، صنعت ما تسمية بالشعب الفرنسي ..... وكل لاعب وكل حاصل على الجنسية الفرنسية .. هو فرنسي ينتمي تماما الى الشعب الفرنسي مهما كان لون بشرته او دينه.
سكت صديقي مدحت عن الكلام المباح، قبل ان يدركه الصباح. وانا ايضا اصبت بالسكتة الروحية أمام هذه الروعة الإنسانية التي لا نفهمها نحن العربان العاربة والمستعربة والمستغربة من كل شئ.
نحن بأيدينا، وليس بايدي ولا باقلام مستر سايكس ولا السيد بيكو، نحن من قسّم انفسنا، نحن من حولنا انفسنا الى يمنيين واردنيين ولبنانيين ومصريين و و و و و . لا بل حولنا انفسنا الى شماليين وجنوبيين ومشارقة ومغاربة، ثم الى مسيحيين ومسلمين ، ثم الى سنة وشيعة....وما زال التقسيم مستمرا .
نحن في الأردن من نزال نسمي الحمولة التي انتمت الى العشيرة قبل 500 عام نسميها (لفوفة) او» تبوعة»، وألقابا مشابهة لا اذكرها الأن، وهي بالمناسبة القاب تحقيرية، تضع الفروع دون الأصل دوما، مع ان الفروع التي نطعّم بها شجرة اللوز المر مثلا، هي التي تحولها الى شجرة لون رائع الطعم.
ما يزال القادم من فلسطين الى الأردن منذ 200 عام ..ما زال فلسطينيا بنظرنا، وهذا يعني انه مواطن درجة ثانية او ثالثة، مشكوك في انتمائه، حتى لو تحول الى شوفيني اردني ... بالمناسبة هذا الأمر لا علاقة له اطلاقا في الحفاظ على الهوية الفلسطينية، فهي هوية روحية وانتماء متجذر عابر للجنسيات والقوميات والزمان.
نحن الذين نفرق المجمّع، ونكسر المتماسك.... نحن الذين حول انفسنا من شعب بالملايين الى مجموعات بالالاف وربما بالمئات.
نحن الأعراب- الأشد كفرا ونفاقا- الذين نقتل الدولة المدنية ـ ونعيدها الى اخلاقيات الصحرا وعبس وذبيان والبسوس.
نحن من نحن؟ نحن كذا مئة مليون مواطن يعتقد كل واحد فيهم انه الأفضل والأنقى اصلا وفصلا، والاخرون هم ..مجرد لفوفة.
هكذا نحن يا مارينا...فاعذرينا .. او لا تعذرينا..... فنحن نستحق هذا الانهيار الأخلاقي والحضاري والإنساني الكامل الذي صنعناه بأنفسنا.

 
شريط الأخبار أمطار رعدية متفرقة وأجواء متقلبة... حالة الطقس ليوم الجمعة إصابة 3 أشخاص بحادث تدهور في الحميمة - صور حادث سير بين 4 مركبات في عمان الأردن يرحب بقرار العدل الدولية بشأن الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد تل أبيب 120 ألفا أدوا صلاتي العشاء والتروايح في الأقصى 8 مليارات دقيقة مدة مكالمات الأردنيين في 3 أشهر العيسوي يشارك في تشييع جثمان مدير المخابرات الأسبق طارق علاء الدين "نُفذت بسلاح السلطة".. كشف هوية منفذ عملية الأغوار هؤلاء هم أطفال غزة! المقاومة الفلسطينية تعجز جيش الاحتلال قوات الاحتلال أعدمت 200 فلسطيني داخل مستشفى الشفاء مستشار قانوني: جميع مخالفات قانون العمل مشمولة بالعفو العام ارتفاع الإيرادات المحلية أكثر من 310 ملايين دينار خلال العام الماضي البنك الدولي يجري تقييما لشبكة خطوط تغذية الحافلات سريعة التردد في الأردن جيش الاحتلال يعلن إصابة 8 جنود في معارك غزة الأردن وإيرلندا يؤكدان ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن الداعي لوقف إطلاق النار في غزة اختفاء صحفية في غزة يثير القلق.. ومطالب بالكشف عن مصيرها تحويلات مرورية مؤقتة على طريق المطار فجر السبت الزميل الصحافي أسامة الرنتيسي يدرس الترشح للانتخابات النيابية اكتظاظ مروري وأزمات سير خانقة في معظم شوارع العاصمة عمّان