اخبار البلد ـ
لیس ترمب أول رئیس یُخفي إیمانه بالخرافة وھو یتخذ قراراته المنافیة للعلم في البلد الأكثر تقدماً علمیاً..! فقد عرفنا قبله اثنین (رونالد ریغان وجورج بوش الابن) استخدماً معتقداتھما الدینیة لیس للترویج الانتخابي فحسب بل أیضاً في أدائھم السیاسي حد تبریرشن الحروب على الآخرین، ولقد لاقى ذلك التناقض المعیب قبولا لدى عدد كبیر من الأمیركیین مثل رعایا الكنیسة الإیڤانجیلكیة الذین ینوفون على 70 ملیوناً، وبالمقابل فإن كثیراً من المفكرین والكتاب دأبوا مؤخراً على الجھر بمعارضتھم لمواقف ترمب ِ المنكرة للعلم وخرجت مظاھرات صاخبة تطالبه بالأصغاء للعلماء وآرائھم خصوصا حین شن حملته المعادیة لمؤتمر باریس حول المناخ وأعلن رفضه لتوصیاته بشأن حمایة كوكب الأرض من الاحترار المؤدي بالضرورة لكوارث عدیدة، وحجة الرئیس ترمب أمام مواطنیه ھي أن تطبیق تلك التوصیات یؤدي إلى إبطاء معدل النمو الاقتصادي الأمیركي ٍ والاخلال بالمیزان التجاري العالمي لصالح الدول (الأخرى)! أما حیاة البشر.
في بلاده أو في غیرھا وتدمیر البیئة باحتراق القشرة الخضراء للكرة الأرضیة والقضاء على كثیر من أنواع الحیاة البریة والبحریة وذوبان جبال الجلید في المحیطات وغرق بعض الجزر في میاھھا فكلھا أمور على جلال أھمیتھا لا قیمة لھا عنده وعند الدولة العمیقة التي أتت به رئیساً..!
كنا نظن ویظن معنا الأمیركیون العقلاء وھم كثر ان استفحال النیران الضاریة في حرائق كالیفورنیا وتھدیدھا لحیاة المواطنین وممتلكاتھم وقضاءھا على مساحات ھائلة من الغابات بلغت خمسة ملایین ھكتار ووصل دخانُھا الخانق إلى مدن عدیدة حتى خارج الولایة الكبیرة سوف یزحزح الرئیس ترمب عن موقفه السلبي وغیر العلمي من التغیر المناخي لكننا وجدناه بدلاً من ذلك یلقي بالمسؤولیة على فرق الإطفاء ویتھمھا بعدم الكفاءة مع أن العدید من رجالھا لاقوا حتفھم اثناء العمل..
لا أنوي أن ازید على القارئ باكثر مما تنشره وسائل الإعلام عن تلك الحرائق المروعة لكني فقط أضیف ما عرفته قبل أیام من محطة دیموكراسي ناو الامیركیة في حدیث مع حاكم كالیفورنیا غاڤین نیوسوم الذي قال إن قبائل السكان الأصلیین ظلت لآلاف السنین تتعامل بنجاح مع الحرائق بطریقتھا المتوارثة مع تراكم الخبرة وذلك بحرق مساحات صغیرة من الغابات مدروسة جغرافیاً بعنایة وتحت الإشراف ُّ والتحكم الدقیقین حتى لا تنتشر النیران فتصبح حریقاً ھائلاً تصعب السیطرة علیھ كما یحدث منذ زمن لكنه الآن أكثر شدة وشراسة، وعلى نفس المحطة قال البروفیسور دون ھانكنز أستاذ جغرافیة الحرائق البریة إن السكان الأصلیین كانوا قادرین على تحجیمھا بطریقتھم الوقائیة العملیة الذكیة خدمةً للبیئة والتراث الى عام ١٧٦٩حین جاء المستعمرون الإسبان الذین لم یألفوا مثل ھذه الحرائق في بلادھم فظنوا أن السكان الأصلیین یقصدون تأجیجھا كتعبیر عن المقاومة والتمرد فقاموا بمنعھم بعقوبات ّ تحولت الى قانون على ید الحكومة الفیدرالیة عام ١٨٥٠ فازدادت الأمور استفحالاً..
وبعد.. إن قرارات ترمب المنافیة للعلم لا تضحكنا فھي تُحزن الشعب الأمیركي.. وشعوباً أخرى!